مرحبا بزوار التقدمية

مرحبا بالزوار الكرام لمدونة التقدمية. هذه المدونة تتبع صحيفة التقدمية الأصلية وهذا موقعها http://www.taqadoumiya.net/. تعرضت للضرب والحذف فجر يوم 3 سبتمبر وتم استعادتها في آخر يوم 4 سبتمبر بعد الاتصال بشركة غوغل... قد تضرب في أية لحظة مرة أخرى فالرجاء من القراء المهتمين بالمقالات تسجيلها أو طبعها أو البحث عنها عبر غوغل في مواقع أخرى...

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

العقائد والأنظمة الشمولية للدكتور محمد العبد الكريم


الساحة - بقلم د.محمد العبد الكريم -







نشر مقال جديد للدكتور محمد العبد الكريم بعد اعتقاله لا يقل قوة من مقاله المدوي عن صراع الأجنحة ‏

مقدمة :

يقول الدكتور عبدالعزيز الوهيبي في صفحته على الفيسبوك الحمد لله....أخبرني الإخوة في مجلة ‏مؤتمر الأمة أن الدكتور محمد العبد الكريم سبق أن أرسل لهم مقالا عن مسألة الإصلاح والبلاغ المبين ‏لا تقل أهمية عن مقالته الشهيرة السابقة ، ولما لم أكن قد قرأت المقالة من قبل فقد وجدت بعد نشرها أن ‏فيها قوة في قول كلمت الحق ، فقلت إني توكلت على الله ربي وربكم مامن دابة في الأرض إلا هو آخذ ‏بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم....وإلى المقال العقائد والأنظمة الشمولية

انظر بقية المقالات والصور والفيديوهات المرتبطة بنفس الموضوع في التقدمية
http://www.taqadoumiya.net


بسم الله الرحمن الرحيم


منذ تأسيس الدولة " السعودية " وتوحيد مدنها في نظام شمولي ، والعلاقة بين الحاكم والمحكوم علاقة ‏عمودية ، أو بشكل أوضح: علاقة فوقية استعلائية، تقوم الدولة بإدارة الحياة السياسية والحياة الخاصة ‏للأفراد باتجاه رأسي ، وتتعاطى مع المتغيرات بشرط تجسيدها في جسم الدولة ، وليس لحرية الفرد ‏قيمة إلا إن كانت تؤثر في حرية الدولة.‏


وتم تشريع تلك العلاقة كعادة أي نظام شمولي من خلال التسلح بأيدلوجيا محددة لتقود جميع فعالياته، ‏ومن ثم تصبح عقيدة الدولة الرسمية.‏


ولأن هذه العقيدة غير قابلة للفصل عن جسم الدولة ، فإن جميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية تطبع ‏بالطابع الرسمي للسلطة السياسية ومن ثم تتحول العقائد ومؤسسات الدولة الدينية إلى أدوات للاستبداد ‏والقهر والتدخل، والاستيلاء على الأفكار والحريات،حتى يصبح من المستحيل على كل التيارات ‏الإصلاحية مواجهة محميات الحاكم إلا بمحميات مقاربة .‏


ولإتمام السيطرة تقوم الأنظمة الشمولية عادة باحتكار كل وسائل القوة والقمع ، ويتم عسكرة جميع ‏وسائل الاتصال والإعلام والصحافة ... ولأن الإعلام متمرد بطبيعته ، ووسائل الاتصال الحديثة تمنح ‏الفرد فرصة السياحة خارج الحدود، فقد قامت الدولة مؤخراً بمحاولة سن أنظمة وقوانين عقابية صارمة ‏لجرائم المعلومات، ولا زالت تصرح بين فينة وأخرى بالتباحث حول تقنين الصحف الإلكترونية على ‏الأنترنت! وقد أنشأت إدارات متخصصة في وزارة الداخلية ... لمراقبة المنتديات ، وهي محاولات ‏ستبوء بالفشل ، فصحافة المواطن تؤذن بانقلاب هائل على إعلام السلطة أو المسمى بالإعلام التقليدي ، ‏إلا أن كانت الدولة تنوي تجنيد نصف الشعب لمراقبة نصفه الآخر !!‏

أل سعود يحتكرون الحكم ولا يوزعونه


من السمات البارزة في نظامنا الشمولي عدم المساواة بين الأفراد، أو بين الأعراق.‏


ولكي نكون منصفين : فإن الطابع العام للدولة مزيج من الروح الإسلامية العامة تلتقي مع طبيعة الملك ‏القاهرة ، إلا أن هذه الروح الإسلامية أيضا لم تقوى على تلطيف طاقة العنف والبطش المختزنة في ‏الدولة .فقد فرض النظام روحاً تبعية قاسية على كل مناشط الحياة ، وورط استبداد الدولة الشريعة ‏الإسلامية بروح إكراهية سلطوية، وقصد إلى تطبيع الشخصية الإسلامية بطابع الغلظة والفضاضة، ‏وأخفى فيها معالم الرحمة واليسر والإنسانية. وانصب اهتمام مؤسسات الشريعة على ترسيخ الكيان ‏القائم، بالترغيب والترهيب ، لأنها تستمد وجودها من قوة النظام وليس من ذاتيتها أو استقلاليتها، وتلك ‏القوة لا تمنح إلا بشروط، وعلى إثر ذلك اصطبغت صورة العالم والشيخ ورجل الدين بأصباغ السلطة ‏ومسلكها في العلاقات العامة والخاصة .‏


لقد انتهت معالم الشريعة على يد النظام الشمولي، وتم الاستيلاء على روحها وأحكامها ،وبلورت كعقيدة ‏صالحة للاستبداد والقهر، وليس كشريعة صالحة لبناء الدين والدنيا، وأودعت ديوان الملوك كما تودع ‏الأموال، وسلمت مفاتيحها بنفوس مطمئنة ليد الحاكم، يرسمها ويعيد تخطيطها، وصار أكثر دعاتها ‏يفاخرون في كل المناسبات برعاية الدولة للشريعة ! وكلما اشتد الصراع مع التيارات المناهضة للتشدد ‏احتموا بالدولة لتقيهم بأس المخالفين، فالدولة تصنع الخصوم والدولة ترعى الشريعة والدولة تحمي من ‏الخصوم والدولة رب العالمين !‏


بدليل أن أدق التفاصيل صار لولي الأمر حق الإطلاع عليها ، ولم يعد الحياء مانعاً من إدخال ولي ‏الأمر حتى على فراشك ليأذن لك بإنجاب طفل مستعبد يضاف لبقية القطيع !‏


لقد أشار كلود بولين وهو يحلل الأنظمة الشمولية إلى قدرتها التامة على وضع العقول في حالة عبودية, ‏وإعاقتها في منبعها الحي عن كل تمرد, ملغية فيها حتى إمكانية تبلور النية في ذلك.‏


إن أي نظام شمولي لا يعمد إلى الاستعباد والاستبداد فهو يعلن وفاته .‏


إن الاستعباد ليس سلوكاً اختيارياً يمكن أن يستبعده الحاكم من نظامه، بل لا يقوم النظام الذي يقوده ‏‏"الحزب" الواحد دون قهر وتسلط ، ودون عقيدة مستخدمة لتسهيل الطاعة المطلقة التي ترى طاعة ‏الحاكم إذا أمر بمعروف، وطاعته إذا لم ينهى عن منكر؛ خشية الفتنة، وطمس كل كلمات الرفض ‏والاحتجاج باستدعاء المفسدة في ممانعة الحاكم حتى ولو ضرب ظهرك أو سرق مالك أو استباح ‏عرضك ...‏

الملك عبد الله مقعدا وبعد...


لقد أجمع دارسوا الأنظمة على سمات موحدة في كل الحكومات الشمولية، فمن الاستيلاء على التربية ‏والتعليم, وإقامتها على قاعدة الإيديولوجية الرسمية إلى وضع شبكة من الرقابة على الأفراد شديدة ‏الفاعلية، ومن تسخير التكنولوجيا الحديثة للسيطرة الكاملة الشاملة على كل نواحي حياة المواطنين إلى ‏تنظيم السكان بشكل يُسهل إخضاعهم عقليا و جسديا, مستخدمة الأدلجة كوسيلة ناجعة لغسل الأدمغة.‏


إن الأحكام الشرعية التي يطبقها النظام الشمولي، فتفرح لها قلوب بعض المؤمنين معتقدين أنهم البلد ‏الوحيد في العالم الأقرب للشريعة لأن نظامهم يرعى الشريعة ، ليست سوى مصيدة لتمكين الاستحكام ‏برقاب المحكومين.‏


ولإثبات هذه الفرضية نتسائل أولاً:‏


هل الغاية حماية الشريعة لحماية النظام، أم حماية النظام لحماية الشريعة ؟!‏


على من يقع البأس والتنكيل :‏


على من يتعرض لذات الحاكم أم على الذين يسخرون بالذات الإلهية ؟


وما الكتب التي يمنعها النظام الشمولي:‏


أهي كتب الخرافات والشعوذة أم كتب لوحظ فيها كلمة صغيرة في بحر لجي تجرح مشاعر النظام ؟!‏


إن واقع الأنظمة الشمولية في كل دول العالم مراعاة مصلحة النظام ولو ترتب على ذلك هلاك بقية ‏الشعب.والحاكم الفعلي في تلك الأنظمة هي المصالح الخاصة، وكل مصلحة عامة فهي منتهية إلى ‏تحسين حالة خاصة .‏


ودليل آخر:‏


أن الشريعة لا علاقة لها بسرقة الأموال العامة من الدولة ، والشريعة لا تحاسب الفساد المنظم ، ‏والشريعة تستعمل في الحقوق الواجبة على الحاكم كدين مكمل ، وفي حقوق الإنسان كمرشد ،بل ‏استعملت الشريعة لخدمة الإقطاع، وتم استحضارها في منح صكوك الأراضي وإطلاق يد ولي الأمر ‏يهب ما يشاء كيفما شاء وقتما شاء لمن شاء دون مساءلة من الشريعة، بل الشريعة أصبحت مشاركة ‏في انتهاب ثلثي أراضي الدولة على يد بضعة أفراد من السلطة ، فتضخمت أسعار العقار وعطلت ‏التنمية وانتشرت الجريمة واعتلى سوق الرشوة وصار في كل بيت بطال وبطالة ، وصار المال دولة ‏في يد الأغنياء، وكل هؤلأ الأغنياء إما سلطة مباشرة أو مقاربون لها أو مدافعون عنها مستنفعون منها ‏‏.‏

نايف بن عبد العزيز الملياردير متقلدا سيفا وخنجرا من الذهب الخالص ومرصعان بالألماس والياقوت يكره المثقفين ويحاربهم

إن الحلول غير الممكنة حالياً والتي تخيف الأنظمة الشمولية وتهدد قبضتها يمكن إجمالها فيما يلي:‏

أولاً: تغيير مفهوم التوحيد القائم على تنقية الإسلام من الخرافات والبدع إلى التوحيد القائم على معنى ‏الحرية التي تفضي إلى الواحدية المطلقة وإعلان انتهاء السلطان الأرضي ،وقيام الملك لله الواحد القهار ‏فلا سلطان ولا ملك في الأرض، وإنما يحكم الناس بحاكم يكون في مقام الوكيل عن وكيله ، ويعزل ‏بشوكة الأمة ، فالإسلام هو إعلان نهاية ملك القياصرة والأكاسرة ، والقرآن الكريم ردد قصة موسى ‏وفرعون وجعلها أكثر السور وروداً في مواضع مختلفة من القرآن، فمن الحرية بدأ الإسلام، وبأفول ‏شمسها غاب المعنى الحقيقي للدين .وقد بدأت معالم الحرية تظهر في كتابات وبحوث سلفية جليلة، ‏ولكنها تقمع بشراسة بالغة من لدن تيارات سلفية أخرى تنسج بمكرها الكبار قطع رؤوس الأحرار، ‏وتحيك في ظلامها الدامس بليل العبودية الإطاحة بنفوس تأبا معيشة الأحرار .‏


ثانياً: لا سبيل للتخلي عن الاستبداد إلا بالتخلي عن نظام الفرد الواحد الذي يحكم المجموع، لتكون ‏الكلمة شورى بين المؤمنين في مسلك من يدير شؤونهم .‏


أما استمرار النظام الحالي بحالته الراهنة فهو استمرار للقمع والاستبداد، مهما أبدى النظام مرونة في ‏سقف الحريات العامة للتعبير، لأن طبيعة الأنظمة هي التي تقرر مسلك الاستبداد وليست إرادة الحاكم ‏سوى معطى ثانوي لا يضمن سلامة العدل والقسط بين الناس .( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها ‏وجعلوا اعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون )‏

محمد بن نايف بن عبد العزيز يواصل خطة أبيه في ضرب المثقفين بيد من حديد ودعم الوهابيين المتشددين


إن معظم السلفيين اليوم يرون أن كل التيارات تقف ضدهم ، ويرون أن كل التيارات لا تستطيع ‏مقاومتهم، وقد صدقوا في ذلك ، فلن يستطيع تيار فضلاً عن مجموعة من الكتاب والأقلام والبحوث ، ‏مقاومة التيار السلفي السعودي ، فهو محمي بسلطة تلتبس به ويلتبس بها ، وتدافع عنه ، ويدافع عنها ، ‏ولكن المقابل هو القضاء على أصول الشريعة الكلية، فهذا هو الثمن الباهض الذي دفعه التيار السلفي ‏وجعل خياره مع الاستبداد مقابل الحفاظ على مكتسبات حققت له وجوداً وانتشاراً في أوساط الناس، ‏وهذه المكتسبات التي حققت وجوده ليس منها أي معنى من معاني الاستقلال والحرية والعدل، فلم يكن ‏العدل والحرية والحكم الطبيعي هو السبب في قيام التيار السلفي ووجوده ، ولم تكن حقوق الإنسان ، ‏وتجريد الطغيان ، والتضحية في سبيل كرامة الناس علة في ظهوره، بل عامة السلفيين هم في توتر ‏بالغ من مسائل الحرية والعدل ، وظهرت لبعضهم كتابات مخزية لا يستحوون من نسبتها لهم ولتيارهم ‏، بل عامة التيار السلفي والحركي على وجه الخصوص انقلب إلى طور جامي جديد ، فطوفان الحداثة ‏والعولمة والهيمنة الدولية على العالم قلبت لديه الموازين، وبدلاً من البحث عن تضحيات كبرى لأجل ‏غايات الإسلام الكبرى باستعادة معاني التوحيد العظمى في العدل والشورى والحريات ، اندفع إلى ‏تصدير قضايا المرأة كسلاح في الحرب على الليبرالية ليضمن مقعده في الوجود، فالمرأة هي السلاح ‏وليست الحرية ، والمرأة هي الوجود وليس العدل .‏


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق